Friday, December 4, 2009

....

أعلم أنى لم أكتب إليك منذ شهور .. ربما تغير عنوانك فأنا أثق بجنونك دوماً ، هذه هى رسالتى الرابعة إليك .. منذ أن إلتقينا اًخر مرة فى اسكندرية ، ومنذ أن وصلنى خطابك الثانى من شهر ونصف تقريباً .. أعلم كل شىء وأعلم أنك غاضب لأنى أكتب وغاضب لأنى لم أكتب ... أعلمك جيداً يا طفلى الأول .
أين أنت ؟ وكيف تقضى يومك بعيداً عن بيتك ؟ هل تكتب ؟ ماذا تكتب ؟ ومن يبدى رأيه بكتاباتك ؟ ومن يعلق على خط يدك ؟ كيف أصبحت أنفاسك ؟ مازالت متوهجة كما عهدتها ؟ أم امتلأ صدرك بثليج الغربة ؟ هل تجمدت أطرافك ؟ أم مازالت يدك دافئة .. كفك مكتنز وخطوطه واضحة ؟
أتبتسم فجأة كما كنت تدهشنى أم أصبحت تفكر كثيراً لهذه الدرجة ؟ من يضحكك ؟ وما المنظر الذى تطل عليه نافذتك ؟ أمازلت تدخن ؟
لقد تركت مكانى القديم .. ورحلت إلى مكان لا أستطيع تمييز معالمه بعد ، تركت كل شىء ورائى ، وحملت كالحمقاء كل شىء يذكرنى بك .. لى أصدقاء جدد ، يأتون ويرحلون .. يعزفون الموسيقى فى كل مكان ، أحدهم يذكرنى بك ، له طريقة مشيتك الموهوبة ، واَخر يذكرنى بك ، عندما ترفع رأسك فجأة ، واَخر يذكرنى بك .. عندما تفرك كف يدك ، واَخر يذكرنى بك .. عندما تنظر لى وكأنك تعرف ما أفكر به .. أنت .. مازلت بقلبى .
الحياة هنا ... الحياة هنا .. أنا .. لم أعد أطيق .. لم أعد أطيق الهواء بدونك .. ولا صوت ضحكات الأطفال .. لم أعد أطيق جمالي المتقلب .. ولا نهنهة بكائى ليلاً .. ما أقسى الحياة بدون توقف ، الحياة لا تتوقف ! لا تتوقف .. مازلت أعانى هذا الصداع بنصفى الأيسر .. والوقت .. الوقت وأنت خلفي لا يظهر رحمة ، ولا يتراجع عن قرار ، كل شىء يرفض إعطائي مهلة لأتوقف عن التفكير .. لألاحظ نفسى بالمراَة كما كنت تلاحظنى أنت ..
أعرف أنك تعرفنى جيداً .. لذلك فأنت تعرف أنى أتمنى الاَن .. أن تقع رسالتى فى يد صديقتك الفرنسية ، ذات الشعر الأصفر القصير ، نعم تلك التى كانت تضع لى الملح فى كوب الشاى ليسخر منى أصدقاؤك ، واعلم أنك مازلت غاضب لأنى لم أفهم المزحة .. لكنى أقسم للمرة المليون .. أنى لم أقصد كسر ذراعها .
لا أخرج من بيتى أبداً .. ولا أزور المقهى سوى مرة واحده فى الأسبوع ولا أبقى طويلاً .. لا أستطيع وصف ما أشعر به تجاه أحد خارج حدود غرفتى ، وأصبحت أعجز عن فهم من حولى ، لا لست مكتئبة ، لكنى لا أفهم فقط .. لم أهتم برؤية أشخاص لا يهتمون بى ؟ ولا يعرفوننى ؟ ولا يحزنون لأجلى .. وماهذا الزحام الوهمى برأسى ؟ ولم أفتح بابى لفئران الفرحة الزائفة ؟ ولم أضحك عندما لا أرغب فى الضحك ؟ والحزن قريب قرب رئتى إلى صدرى .. هناك شىء يضيع ولا أعرفه يا صديقي ، أفتقدك متى ستعود لرؤيتى ؟ ومتى سأتوقف عنك ؟ ومتى سأخرج من بيتى لأمشى حتى اَخر الشارع ؟ دون خوف ...
لا أعلم متى سأكتب إليك ثانية ، فردك وعدم ردك لم يؤرقنى لسنين طويلة .. فأنت بكلا الحالتين .. مازلت بعيداً .
ولكنى أعلم أن رسائلى تصلك ورسائلك تصلنى ، وخط يدى تقرأه عيناك وتلمسه يداك ، وهذا يكفينى وحدى .
لا تلتفت وراءك .. أحبك
ملحوظة ..
إن كانت الشقراء هى من تقرأ خطابى فكم أرغب فى قول هذا .. نعم كنت أتعمد كسر ذراعك .. وكم أسعدنى ذلك .

Friday, November 20, 2009

زياد

كانت الساعة قد اقتربت من الخامسة مساءً ، عندما فاجأنى زياد رحبانى ، بصوته الذى يشعرك أنك نصف نائم ، نصف مستيقظ ، نصف تحلم .. رنة رسالة لم أحاول تغييرها لسنوات ... فى السابق كنت أبدو كشخص طبيعي ، ينتظر فى سكون على فراشه لحظات ، يستوعب ماذا يحدث .. نعم استيقظ من النوم غبية لا أفهم شيئاً .. الاَن أظل نصف ساعة وأكثر على الفراش اتساءل كيف وصلت الى هنا وماهذا المكان الغريب ، وأشياء من المبعثرة فى كل مكان ؟ ومين اللى بتقرا كتبي وتتركها على الأرض ؟ نوع اَخر من الغباء ، لكنه أكثر صعوبة ويستغرق وقتاً أطول .

زياد ... مفاجأة
( 28/10/2009) .... It's raining :)
هل يصادف أنه نفس اليوم الذى تقابلنا فيه لأول مرة .. يفصلنا شهر واحد بالظبط .. أعرف هذا الرقم جيداً .. ربما رجلاً أحببته ، لم يكن الوقت مناسباً لمشاعر متناقضة ، كل جزء بقلبى يهرع باتجاه .. فى اَخر لقاء لنا أدركت أنى لا أختلف كثيراً عن أى امرأة يصادفها على الطريق ، تخدمها الظروف لبعض الوقت ، تتحول الأمور لصالحها .. ويبدأ كل شىء ، البدايات دوماً ما تكون رائعة ، خاصة مع امرأة وحيدة على حافة الثلاثين .. يرصدها البعض ويرغب بها ، يجدها البعض ممتعة ، ويراها البعض دائمة الاكتئاب ، أما هو فقد كان مشغولاً كعادته فى سرد قصص عن اصدقائه البائسين ، وخاصة النساء منهم ، ممن يحتاجن دوماً الى مساعدته ونصائحه .. بدوت وكأنى بطاقة ، تقع من محفظته صدفة ، فيغلق عينيه للحظات .. ثم يرحل فى طريقه ..هكذا كنت أنا .. امرأة وحيده .. على حافة الثلاثين .
ولأن البعض منا لا يرغب فى تذكر هذه الحقيقة ، فقد تمنيت ألف مرة أن يكون لقائنا مميزاً ، أنا كباقى النساء .. أرغب فى بعض التميز ، حتى ولو كان وهمياً ، ليته لم يخبرنى بشىء ، ليته صمت ولو قليلاً .. وليتنى تعاملت مع تلك الحقيقة بروح تلائم امرأة عابرة على الطريق .. لكن عبثاً كنت أحاول ، امرأة على حافة الثلاثين ومازالت لا تدرك أن البدايات بدايات .. لا تستمر طويلاً ، وأن ما لا نرغب به هو ما نريد له الاستمرار ليبقى غصة حلقنا وشكوانا اليومية .. فنظهر ملائكة رائعين .. هكذا نحن ، وهكذا ظهر كل شىء أمام عينى كقطار يقترب بكل سرعته .
زياد ... براح
( 6/6/2008 ) .. kol sana wenty msh tayeba taba3an .. wa7ashteeny :)

أعتقد أن نصف ساعة كافية لاسترداد وعيي والتوقف عن العبث فى دفاتر قديمة .. قفزت من الفراش وفتحت نافذتى المغلقة منذ شهور ، كانت تمطر بالفعل ، رائحة الأرض وهى تمطر كانت تقتحم حواسي لتذكرنى بشخص اَخر .. أكثر صرامة وحدة ، كيف كان يذكرنى برائحة الأرض بعد المطر ؟ تلك الرائحة الناعمة الحنونة ؟ لك أن تصدق .. كانت تشبهه كثيراً رغم قسوته .. لم أعد أتمتع بالرفض ، رفض تلك الطبيعة المتناقضة عند البشر .. فكل شىء أصبح عادياً .. يمكنك اقتلاع قلب أحدهم والنظر إليه طويلاً ، يمكنك المرح به كيفما تريد ، بل والقفز معه فوق العشب الناعم ، والاسترسال فى الحديث عن الشعر والسينما والموسيقى الرائعة ... يالرقة مشاعرك .... تراقبه والسعادة تطل من وجهه .. تنتزع منه كل رائع بقلبه ، وتتركه لينزف .. ثم تظهر بوجهك البرىء للعالم ، وتدعى أنك لا تمت لهذه الطبيعة القاسية بصلة ، وأنك ببساطة .. لم تكن تقصد .. هكذا نحن ، وهكذا ظهر كل شىء أمامى كقطار يقترب من وجهى بكل سرعته .

زياد ... حلم
( 28/6/2009 ) .. Wa7eshny sotek elly shabah el ne3na3 .. re7a w ta3m w malmas
امرأة على حافة الثلاثين .. ترفض كل شىء لطيف ، لأنه لن يستمر طويلاً ... ها هى الاَن بدأت تتعلم .. تتلحف بفراشها ، بجانبها المدفأة .. كتب قديمة تمتلىء بأحلامها القديمة ، تكتب سطرين كل ثلاثة أيام .. ثم تعود لغرفتها .. ويبدأ جحيمك .. الحقيقي ، لست أنت من تسببه ، بل كل من هب ودب ويرى فى نفسه دكتور نفساوى عتيق ، عاش أدك تلات أربع مرات .. ينتظر دوره فى الكلام رغم أنك لم تشكو له بكلمة ، فقط رجاءك الشخصى بالابتعاد هذه الفترة ، وبعد أن يلهمه صوتك بفكرة تعكنن عليك ، عادى يعنى مقريف ومكسل تتنحنح إيه المشكلة .... يبدأ هو بجملته الشهيرة دون سابق انذار ، إنتى مكتئبة ومعندكيش ثقة فى نفسك ... اَه يابن الكلب يا جاهل
!
زياد ... ضمة
( 12/7/2009 ) Hallo marla .. It's raining madly, looks like you i miss :( .. meet when we meet
أحياناً يصمت زياد لأيام ، وأحياناً لا يتوقف أبداً .. هذه المرة أعرف الرقم جيداً ، رغم أننا لم نتقابل منذ فترة طويلة ، ظل هو صديقي الوحيد ، البعيد .. لم أكن أبداً مضطرة للكلام ليفهم أنى مقبلة على فترة عدم الاكتراث ، ها هى الاَن بدأت تتعلم .. أن الأصدقاء أحياناً ما يفهمون أنك لست متميز على الإطلاق ، يتوقفون عن التصرف بلباقة ، وينطلقون ..

زياد .. فقد

( 15/10/2009 ) .. yara mkansh elmafrood teshtemeha wana mawgoda tol 3omrek abee7a w safla :) .. hakalemek lama awsal alex .. msh ba7ebek .

بدأت تعود لطبيعتها السليطة ، أحياناً يرغب العالم فى سماع شتيمه ليعرف قدره .. ربما أتخيل ذلك لأنه كثيراً ما يستفزنى للإنطلاق .. ها هى الاَن بدأت تتعلم ، لن أفتح بابى للفئران ، ولن أتحول الى مشاع مهما حدث .
امرأة على حافة الثلاثين .. لا تذكر من ماضيها شيئاً تعاقب عليه سوى قلبها السافر ، ومظهرها المتقلب .. أحياناُ يقابلها شخص ما لأول مرة ويصطدم ببشاعتها ، وأحياناً يغرقها نفس الشخص بكلمات الغزل والعشق والذى منه ..
زياد .. ؟؟؟

( 25/6/2009 ) Maska f edek kas beyfed frawla .. ah mn bo3dek w mn orbek
البدايات دوماً ما تكون رائعة .. الله عبقرى فى صنع البدايات .. والنهاية نصنعها نحن غالباً ونطلق عليها قدر .. أما الأشياء بين البداية والنهاية .. فنتوهم أن الله قد تركها لنا لنقرر مصيرها .. ولأننا بشر ، أحياناً نرتكب أخطاء يسعدنا التمادى بها ، وأحياناً تخطفنا طبيعتنا البريئة وتدفعنا فقط للابتسام .. وقبول ما يحدث بمنتهى البساطة التى يجرحك بها القدر ، وفى النهاية .. تجد نفسك تستيقظ صباحاً ، تنظر فى مراَتك .. تغسل وشك زى الشاطر .. ثم تقول بمنتهى اللطافة .. قدر الله وما شاء فعل .. هكذا نحن .. وهكذا بدا لى كل شىء أمام عينى كقطار بوجهى تزداد سرعته .
( 16/8/2009) yara ana msafer l fatra enty 3arfaha .. msh 3aref atfahem ma3aky , plz kalmeny awel materga3y bany adam :) .. ba7ebek

أحتاج قهوة .. سادة .. بعد لحظات قررت الخروج الى المقهى .. قهوة سادة يا عاطف .. ساااادة
عنيا يا اَنسة بس اصلى مابستحملش طعمها المر ده
معلش يا عاطف استحمل عشان خاطرى .. ثم انت مال أهلك يا عاطف ؟
يضحك عاطف .. يكركر عاطف .. ويحضر عاطف قهوة سكر زيادة .. وبشربها عادى من إيد عاطف !

زياد .. أمل
( 30/7/2009 ) yara .. hashofek bokra :) :)

قلبى .. قلبى .. امرأة تجلس على محطة قطار وتحتضن حقيبتها الفارغة ، المليئة بأوراق لا تعرفها .. هاتف يزدحم بأرقام لا تعرفها .. وبنبرة طفل يتألم .. ( قلبى .. قلبى يؤلمنى .. قلبى ) .. ترغب الاَن فى استعادة طبيعتها الباردة ، اللامبالية .. لا شىء يهم . لا أحد يهم .. فقط حلمى القديم يبقى عصة حلقى الوحيده .

( 6/11/2009 ) yara om regleen 7elwa .. thank u because you're in my life :)

ما أرق هذه الفتاة .. مازالت تندهش عندما تسمعنى أشتم شتيمة قبيحة ، عندى رغبة شديدة شديدة .. فى مقابلة صديقة لسانها طويل ، يا سلام ... نفسى أشتم .. نفسى أتف ، لولا المطر الذى يجب احترامه ، أغنية قديمة لفيروز تستحضرنى الاَن .. رغم أنها مبهجة ولا تلائمنى إطلاقاً..

( 9/11/2009 ) Bokra el gom3a ..waraky eh? … mategy net2abel ?

عاد زياد... فى وقته بالظبط .. نادراً ما يتصالح أشخاصى مع الوقت المناسب ، تلك الكلمة التى نسمعها فى الأفلام فقط .. مثلها مثل القبلة المصحوبة بالموسيقى ، فلا يمكنك سماع موسيقى فى الواقع وأنت تقبل من أحببت .. إلا إذا كنت واقع فى الحب لدرجة سماع موسيقى ... بقلبك .
لا شىء استطاع هزيمتى مثلما فعلت المسافات .. شبحى الدائم ، وكلما ابتعدت بقلبك كلما فاتك الكثير ، كلما رغبت فى المشاركة ووجدت صعوبة فى استحضار اللحظة مرة أخرى .. ثم تصحو من نومك يوماً ما .. وتنظر فى مراَتك .. وتغسل وشك زى نفس الشاطر اللى فوق ، وتقول بمنتهى نفس اللطافة .. وإيه يعنى مافاتنيش كتير .. هكذا نحن .. وهكذا أشعر الاَن .. توهم عميق بعدم الاكتراث .. وموت بطىء .

Bokra elgom3a ah .. ma3andesh 7aga w lw 3andy .. 6 pm f el2ahwa .. net2abel lamma net2abel …………

Tuesday, August 4, 2009

يا عودة ما تمت

حمدلله ع السلامة يا اَنسة .. القهوة من غيرك كانت وحشة أوى

تقابلنى سميرة بابتسامة عريضة وتفتح لى ذراعيها بحنان .. كان الوقت مبكراً لأى ترحيب اَخر ، يبدأ العمل فى العاشرة ، وهاجمتنى فكرة القدوم فى السابعة والنصف ، بعد غياب كام شهر يمكن .. لم أعلم بالظبط السبب وراك هذه الأغنية التى تصر عليها سميرة ، يقال انها لا تسمع غيرها منذ عدة أيام ، ومنى شخصياً لم تستطع تشغيل أغنية واحده لفيروز فى وجود سميرة .. سميرة هى أول نادلات المقهى ، تستطيع القول أن سميرة من أقدم المؤسسات لمقهى فيروز ، ورغم ذلك ظلت لفترة ليست قصيرة تعيد هذه الأغنية لدرجة أن الزبائن توقفوا عن طلب الأغنيات وتركو الاختيار لسميرة ، شخصيتها قوية سميرة ..
على كل حال ، بعد كل هذه التساؤلات كان لابد لها من وقفة بصراحة ، فسميرة ورغم قوة شخصيتها لم تكن تدفع النور والمية وفواتير المقهى كل شهر .. بل أنا ومنى الغلبانة ، خاصة بعد أن ندرت الزبائن فى الفترة الأخيرة وفى فصل الصيف بالذات .. فمن يرغب فى جو هادىء فيروزى فى الصيف الصاخب ؟ لم يكن المقهى يستقبل يومياً أكثر من أربع خمس زبائن وطلبات لا تحتاج سوى نادل واحد .. وطوال النهار تسمع سميرة أغنيات معينة لحليم فقط .. ناديت عليها بصوت لائق ، فجاءت تركض فقررت مخاطبتها بنبرة لطيفة فلم تكن سميرة نادلة بالمعنى الكامل .. سميرة كانت بطلة فى رفع الأثقال ، جسد غريب لم أره على امرأة من قبل ، ولكنها كانت مفيده فى معظم الأوقات ، فبدون سميرة لن نستطع طرد من لا يروق لنا من الزبائن السخفاء
إيه يا سمرمر هو الكمبيوتر عندنا اتحرق والا ايه ؟
ليه يا حاجة شغال ( لفظ حاجة كانت تردده سميرة لما يكون مزاجها رايق ) ماشمتش ريحة شياط يعنى
اصلك معلقة على كام غنوة لحليم لما حمضتينا جمبك
...
صمت ، وابتسامة غريبة على وجهها الأسمر الذى ظل جميلاً رغم كل شىء ، أمسكت المنشفة وظلت تمسح الطاولة أمامى عدة مرات وهى تبتسم .. وأنا أنظر اليها وانتظر رداً مقنعاً .. ( أصلى باحب يا حاجة يارا ) .. لم يكن الرد مقنعاً بالمرة ، مادخل الحب فى خراب البيوت المستعجل يا سميرة ؟ وقبل أن أسألها مرة أخرى لاحقتنى برد اكثر إحراجاً
يعنى هم الزباين مستنيين خالتك فيروز عشان يدخلوا القهوة مالحال واقف بقاله شهر ..
يادى الكسوف ، كان الأفضل أن تقدم استقالتها وترحل بدلاً من هذا الإذلال ، ( لأ يا أم مخ مكهرب ، بس ( القهوة اللى بناكل منها عيش مرتبطة بصوت ( الست فيروز ) مش بحليم وانتى عارفة كده كويس .. وعاوزة تسمعيه اسمعيه فى بيتك ) .. كانت الجملة الأخيرة قاسية بعض الشىء .. ولكنى لم أهتم ، هى بس الطلعة الاولى لمواجهة سميرة وبعد ذلك أنطلق ، وبصراحة ما صدقت .. على كل حال وقفت سميرة تراقبنى وأنا أخرج كبت سنوات فى وجهها ، تبتسم أحياناً وأحياناً يحمر وجهها فأهدىء من نبرتى قليلاً .. ليس خوفاً من سميرة ، بل محافظة على مشاعر سميرة
أثناء هذه الفوضى دخل اثنان من زبائن القهوة المعروفين ، وألقوا التحية .. ابتسم أحدهم وقذف تعليقاً على الأغنية وضحك ، فنظرت لى سميرة شمتانة .. ( ولو .. برضة تغيرى الغنوة وتجبيلى فيروز ) فضحكت بصوت هادىء .. ( تحت أمرك يا حاجة .. كان يوم أسود يوم ما رجعتى القهوة )
وقعت ضحكاً ، كانت لسميرة نبرة صوت تضحكنى ، جلست فى هدوء أسمع حليم .. مضطرة ، وعينى على الباب أراقب زبائن تدخل القهوة دون جدوى .. الصيف لا يعرف مقهى فيروز ، المقهى شتوى المزاج ونحن نعرف ذلك .. أما فواتير المحل فلا تفرق بين صيف وشتاء ... وسميرة كانت تفهم ذلك جيداً ، ( والنبى ماتزعلى نفسك ده بكرة ربنا يفرجها وأسمعك فايزة ونجاة وفوزى وطلب كمان )
اااه .. اتخرب بيتنا والحمدلله .. أنا هغيبلى كام شهر يا سميرة .. إخربيها براحتك يا حبيبتى
ظلت رغم أنفى تسمع حليم ، تراقبنى .. وتبتسم

Thursday, March 20, 2008

شهوة سكر زياده

أخيراً أشفق النوم على حالى فى السابعة صباحاً ، ولو أغمضت عينى الان لن أستيقظ فى ميعادى وسنخسر زبائن الصباح .. لا شمس اليوم ، الجو هادىء ، دافىء نوعاً ما .. وصلت المقهى فى الثامنة تقريباً .. لم تأت النادلات بعد .. وشريكتى رغم علمى بيومها السابق المرهق حاولت الاتصال بها وهاتفها مغلق بالطبع .. أردنا إضفاء بعض التغييرات على الديكور ففتحنا باباً للإرهاق لم نكن مستعدين له .. على كل حال جلست على الأرض فى اخر المقهى أشرب قهوتى وأفكر فى إغلاقه والعودة فى العاشرة .. وقفت أغسل فنجانى وأنظف الطاولات .. فيروز ؟؟ لا مانع ، ربما يستحى صداعى المزمن ويهدأ لبعض الوقت .. دقات هادئة وكأنه باب مكتب
رجل .. عادى ، فى منتصف العشرينات ربما ، يفتح نصف أزرار قميصه فيظهر صدره الأسمر ... وفتاة تمسك يده بكلتا يديها ، وتمشى ببطء شديد وعلى وجهها ابتسامة مستفزة ... لا بأس ، فمزاجى اليوم غير اَدمى ..ألقى علي التحية فأومأت برأسى .. واتجها مباشرة الى اخر طاولة فى المقهى ، جلست الفتاة وهو وقف قليلاً ليخرج علبة سجائره من جيوبه ، وظل يتلفت من حوله .. فاقتربت من الطاوله بابتسامة لا أعلم لها مصدر .. ولكن طريقته المهذبة وابتسامته الهادئة أعادت لى بعض الأدب
أنا هاخد قهوة سكر زيادة ... وانتى ؟؟
ظلت الفتاة تقلب فى صفحات القائمة عدة مرات ، حتى وصلت احدى النادلات .. فاندهشت لمجيئى المبكر .. أشرت لها أن تدون الطلبات وتبدأ عملها .. طلبت الفتاة قهوة سكر زياده ومعها شيكولاته ، بعد مرور نصف ساعة تقريباً قضيتها فى عمل بعض المكالمات ، وإعداد قائمة فيروز الجديده ، انتقل الشاب من المقعد المقابل لها الى المقعد المجاور واحتضنت يداه يدها بحنان ، يهمس لها فى أذنها وهى تخفى وجهها ، وبأصبعها تشير له بالرفض .. وتضحك ضحكة عالية ، تبدأ الأغنية .. فينظر الى مصدر الصوت ويبتسم ، وكأنها
بالضبط ما رغب فى سماعه الان ، جذب يدها اليه وقبلها .. وهى ظلت ساكنة ، تضحك بين الحين والاخر .. وأنا بقيت ساكنة .. أشتعل بين الحين والاخر .. وأضع يدى على رأسى من قسوة الصداع .... اقترب من وجهها ولامس أنفها بأنفه فتراجعت فى خجل مدبر وضربته على كتفه برفق .. فوقع ضاحكاً واقترب مرة ثانية ... وضع يده على وجهها يتحسسه وهى تغمض عينيها وتحرك رأسها بدلال ... وكأن أصابعه تعزف مقطوعة هادئة على وجهها ... وفجأة نظر ناحيتى وتلاقت عينانا .. لم أتحرك لثوان قليلة ابتسم خلالها لى فى تحد غريب .... اشتعل صوت فيروز وتضاعف صداعى ، اقترب من وجهها وقبلها على خدها ببطء شديد وهو ينظر لى ... فنهضت بعنف وجلست خلف عربة ميس الريم المحطمة استرد أنفاسى .. رغم صوت فيروز فى الغنوة النابضة بالحياة ، مازلت استطيع سماع ضحكتها ، وبعد لحظات عدت الى طاولتى فى ثبات .. فنظر ناحيتى مرة ثانية ، نهضت الفتاة واقتربت من النادلة تحدثها ، فاصطحبتها الى دورة المياه فى اخر الرواق .. حاولت الانشغال فى اعداد قائمة فيروز الجديدة وجلست اشرب قهوتى الساخنة .. وهو .. جلس يدخن سيجاره ويرفع رأسه ثم يخرج دخانها ببطء شديد .. فكرت فى الخروج لشراء مسكن لرأسى .. وقبل أن أنهض ... اقترب ناحيتى بخطوات ثابتة سريعة .. ووضع يده على طاولتى فرفعت رأسى ..
على فكرة .. الصداع ما بيضيعش بالقهوة .. ولا بالمسكن .. الصداع له حل واحد لو قلتلك عليه هتزعلى منى اكيد .. ويمكن ماتدخلنيش هنا تانى .. وانا باحب المكان اوى
خلاص ماتقولش .. هى المسألة قلة نوم .. انا علاجى أنام
بالظبط .. ما هو النوم برضة مشكلة .. وله حل واحد بس لو قلتلك عليه برضة هتزعلى منى اكيد
ابتسمت رغم أنفى ... وهو ضحك ضحكة قصيرة
إدفع حسابك وامشى من هنا
فوقع ضاحكاً ... عادت الفتاة لتجده امام طاولتى ، فنظرت لى فى دهشة ، والغريب أنه لم يحاول التظاهر بأى شىء .. بل استمر فى الضحك واخرج سيجارة اخرى واشعلها وهو ينظر لى ... فناديت النادلة لتأخذ حساب الطاولة المريبة
خرجت الفتاة من المقهى ووقفت تنتظره وهى تنظر لى كما لو رغبت فى ابتلاعى حية ... فأخذت قائمتى وجلست خلف عربة ميس الريم فى اخر المقهى .. وبعد لحظات عدت الى الطاولة لتفاجئنى النادلة
السيجارة دى من الأستاذ اللى كان هنا .. وبيقول لحضرتك ... دى عشان الصداع .. بس خديها بعد .. مش قبل

Wednesday, March 19, 2008

الموعد

قال:مش ناوية تبقى مرة زبونة و أعزمك على قهوة ؟


قلت : عيب يا فندم .. ده احنا دافنينه سوا


ثم وقعنا فى ضحك داعب كل أركان المقهى التى مازالت ساهية عن الصباح ..... هل قلت لكم أنه رجل أربيعينى ؟ يبدو من هيئته كذلك .. رغم كل الطاقة التى تنبعث منه.. إلا أن ذلك الضى الرمادى على جانبى و مقدمة رأسه ينبأ عنه .. و رغم ذلك هو أنيق جداً .. مرح جداً ..تنبعث منه الحياة .... جداً


على غير العادة جاء فى ساعة مبكرة .. وحيداً إلا من بعض الأوراق و معطف على ما يبدو أنه جديد .. كنت وحيدة فى المقهى حين دخل .. حين هممت بفتح النافذة التى فى مواجهة الباب وجدته يدخل و يبتسم لى فى الزجاج .. كانت أول مرة يأت بمفرده للمقهى .. هل كان البرد يومها يمنع كل شئ من الحياة إلا هذا الرجل ؟ .. لا أدرى .. فقط أعددت له طلبه الصباحى و أحضرته .. قهوته الأمريكية مع قطعة من الكرواسون


صباح الفل .. لواحدك ليه يا جميل؟؟ . ثم ألقيت له غمزتى المعتادة التى لا أجيدها


لا النهاردة عندى معاد من نوع تانى .. و لا يمكن هاتقدرى تخمنى أى حاجة يا لئيمة . ثم ألقى هو غمزته التى حتماً يجيد أدائها أفضل منى بمراحل

هنا أثار كائنى الفضولي .. و لكننى قاومت بكل ما لدى أن يلاحظ أننى مهتمة ... أدرت وجهى بابتسامة حاولت بقدر الإمكان أن تكون محايدة .. و ذهبت كأننى منشغلة حتى صباح اليوم التالى فى أشغال المقهى




ظل وحيداً ساعتين .. و امتلأ المقهى رغم توقعاتى أن تتوقف فيه الحياة اليوم .. صار البخار يملأ كل مكان .. و اختلطت رائحة القهوة برائحة الأنفاس المحملة بالتبغ .. شعرت بدفئ و انتعاش شديدين جعلانى أضطر أن أخفف من بعض ملابسى .. فخلعت عنى سترتى و كوفيتى و حذائى .. كنت أتجول ببلوزة صوفية حمراء و جونلة شانيل كحلية و فى قدمى أرتديت صندلى الأرضي المفتوح وردى اللون الذى خصصته للمشى داخل المقهى فقط لأننى كنت أخجل أن أرتديه دون جورب فى الشارع .. و كنت وحدى أقوم بكل شئ .. أحاول جاهدة ألا أبدو منهكة أو مرتبكة .. و أحاول جاهدة أيضاً ألا أبدو أننى أراقبه .. ظل يدخن و يدون و يشرب القهوة طوال الساعتين دون أن ينظر لساعته مرة واحدة .. تعجبت .. فأنا كنت أظنه فى موعد ينتظر إحداهن .. و مازلت على أمل أن تدخل تلك الفتاة التى بالطبع ستكون آسرة الجمال .. تلقى وشاحها و حقيبتها على ظهر المقعد المقابل له و تبدأ فى مجالسته .. لولا أن اليوم كان مزدحماً بالفعل لكنت شعرت بملل شديد من جلسة هذا الرجل .. و لكننى كنت بالفعل منشغلة جداً لا أكاد أنتهى من العمل


أود أن أقول لكم أنه لم يكن يلاحظنى على الإطلاق .. لا فى تلك المرة و لا فى المرات السابقة .. لم يكن يفعلها صدقونى .. تلك الأفعال أستشعرها برادار غريب .. اشم رائحتها كجرو شقى .. لكنه أبداً لم يفعلها .. لذا كنت اعتبر ما بيننا صداقة جميلة .. خاصة و أنا فى عمر ابنته .. نعم فى عمر ابنته الكبرى إذا أردنا التحديد .. ذلك الرجل الكزانوفا الأربعينى لم يغازلنى أبداً .. و تلك المحادثة التى دارت بيننا فى أول الصباح لم تكن أكثر من دعابة لطيفة كبديل عن تحية الصباح لقتل الملل ليس إلا


هكذا كنت أظن .. لولا أننى كنت أقف فى مواجهته أحادث إحدى زبوناتى الحميمات .. ثم تطرق الحديث بيننا عن بعض الهموم الشخصية .. و كنت قد اضطررت لمجالستها بضع من الدقائق لأن حديثها أثارنى .. و فى غمرة الحديث دمعت عيناى .. حالتها كانت مؤسفة بحق .. و هى كانت فى وحدة لا تحسد عليها .. لذا لم استطع مغادرتها دون أن تكمل حديثها لآخره .. و سهوت تماماً عن ذلك الكائن الذى يلتصق بظهرى يسمع كل ما بيننا


أنا سريعة البكاء .. سريعة الضحك .. سريعة البكاء داخل الضحك .. سريعة الضحك داخل البكاء .. مخلوقة مرتبكة تدعو للارتباك .. و هكذا فى لحظة كنت جعلت زبونتى الحميمة الباكية تقع من الضحك و الدموع لم تزل تبلل عيوننا نحن الاثنتين .. ثم هممت بمغادرتها و أنا مازلت اتفقدها بحواسى و الضحكة لا تفارق وجهها .. و حين أدرت ظهرى وجدته رحل


لم يكن يراقبنى .. لم يغازلنى قط .. لم يكن اكثر من صديق ودود اراه مرة واحدة من كل شهر .. فلماذا خفق قلبى وتوردت بشرتى و تثلجت أطرافى إذن حين وجدت تلك الورقة على طاولتى


إنتى جميلة بجد .. هاشرب معاكى القهوة المرة الجاية .. هاتكسفينى ؟؟

Saturday, March 8, 2008

إنه مقطع السمكات و أذيالها

اليوم الثلاثاء الرابع و العشرين من يناير .. البرد يتخلل العروق .. يتسرب بهدوء قاتل لكل مكان .. سيكون المقهى خالياً اليوم

كنت قد هممت أن أغلق المقهى عند الظهيرة إن لم يأته أحد .. و لكننى حين تذكرت التاريخ أقلعت عن الفكرة . حتماً سيأتى اليوم .. سيأتى بابتسامته العريضة و خطواته المبهجة جداً .. ليبدأ باحتراف لم أر مثله من قبل ينثر الفرح على وجه فتاة جديدة .. يعيد لعروقها الدماء .. و يدفع فيها كل ما تمتلكه من كلمة أنثى .. لتصبح بالتدريج و فى آخر المساء فى جيب سترته الأيمن ..حيث أنه لا يستخدم جيبه الأيسر لحفظ أى فتاة ولو لليلة واحدة خوفاً من أن تقترب من قلبه
يبدو حقاً أنه سيصبح يوم مسلى ... أحب دوماً أن أراقبه و هو يفعل ذلك .. رغم أننى ألوم نفسى بعدها كثيراً لعلمى جيداً أنه يعبث بتلك الفتاة التى فى الجهة المقابلة له من الطاولة .. وهو بارع حقاً رفيع الذوق .. يبهرنى دائماً فى كل مرة .. لا يأتِ سوى بأجمل الفتيات و ألطفهن .. ذوقه يتأرجح ما بين الجمال العربى و التركى ..و يحبهن هادئات ليثير صخبهن الأنثوى الكامن .. يعشقهن ساذجات ليكون أول الأساتذة .. كيف عرفت ذلك ؟؟ و كيف لى ألا أعرف .. المرأة التى تمتلك مقهى يجب أن تعرف كل شئ .. ذلك بديهى جداً
فى أقصى يمين المقهى تقع طاولتى التى تسمح لى بمراقبة الزبائن دون إزعاج واضح لأى منهم .. بعضهم يكتشفنى و يتظاهر أنه لم يفعل .. و بعضهم يخبرنى بابتسامة أو ايماءة رأس خفيفة .. هؤلاء تنمو بينى و بينهم صداقة سرية صامتة .. بعض آخر حين يكتشف تطفلى يغضب بصمت و لا يأت مرة أخرى .. أغلب الفتيات التى تكشفنى لا تأتِ مرة أخرى .. أما الرجال فلا يصنع ذلك معهم فرقاً كبيراً .. أنا بالنسبة لهم مجرد أنثى متطفلة كعهدهم دائماً بعادات النساء .. كما أن الرجل دائماً يحب أن تكون هنالك من تراقبه فى أى وقت و أى مكان لتصنع منه شخصاً هاماً يستحق المراقبة .. و ليصيح بثقة فى وجه إحداهن أن تتركه و شأنه لأنه لا يحتمل المزيد فيكون بصياحه ذلك قد حقق رجولته المكتملة
بالطبع أنا لا أجعل أى منهم يصل لتلك المرحلة معى .. و إلا كنت سأعترف بفشلى كإمرأة فضولية .. فأنا أمارس الفضول للفضول فى ذلك المقهى .. و الرجل هو وسيلتى ليس أكثر
كنت أقول أن البرد شديد .. و اللون الرمادى المحبب لنفسى فى ذلك الوقت من العام يتعانق مع كل قطعة من أثاث المقهى .. كأن بينه و بين كل منها حديث سرى مهم .. تلك الأحاديث تفعل شيئاً ما فى المكان .. وهو على الأرجح شئ حميمى .. وهو فى اعتقادى أيضا ًالذى يبعث الدفئ اللذيذ بقلبى الآن و رغم كل هذا السقيع .. و أنا الآن أسيرة لجمال المكان و للوحدة و الانتظار لممارسة عادتى الفضولية
فكرت أنه وقت فنجان قهوتى الأول التى أصنعها بنفسى .. لايزال المكان صامتاً.. لم تصحو فيروز بعد .. سأعد القهوة لى و لفيروز النائمة .. لأننا نحن الإثنان بحاجة بالغة لكى ننعش المكان احتفالاً بالقادمين
............................................................................
يتبع ....

Wednesday, December 26, 2007

دارينا

ألقى نظرة سريعة على القائمة .. ركن خاص بأنواع القهوة التى تحمل أسماء بعض أغانى فيروز المفضلة لدى
صباح و مسا
أنا عندى حنين
حبيتك تنسيت النوم
و لم يستطع أن يدارى ضحكته عندما وصل للقهوة التى تحمل حبيتك بالصيف .. ثم رأى بجانبها صنف آخر من القهوة يحمل اسم حبيتك بالشتى
و ظللت أنا أتابعه من خلف نظارتى الطبية التى أقرأ بها الجريدة .. فى الواقع نظرى ليس ضعيف بالمرة .. و لكنها تعطى طابعا جدياً لوجهى يجعلنى أكثر وقاراً .. و تعطينى سناً أكبر من سنى حتى يليق بى منصبى فى المقهى
هكذا كنت أظن ذلك إلى أن أشار لى ذلك الفتى الذى يبدو أنه لم يتجاوز نصف عقده الثالث .. يبدو من هيئته و تصفيفة شعره أنه ما يزال بوهج أوائل العشرينات
ربما يحسبنى النادلة ؟؟
بوقار تام .. تحركت إليه ببطء شديد .. و تعمدت أن ألقى أوامراً هنا و هناك للنادلات قبل أن أصل لطاولته حتى يستشف هو من أكون دون أنا أضطر أنا لإخباره
لو سمحتى .. هو ايه ده ؟؟
و أشار لقائمة الأغانى .. أقصد قائمة المشروبات
دى أنواع قهوة .. احنا هنا بنعمل قهوة على أسماء الأغانى
ليه ؟؟؟
هو ايه اللى ليه ؟؟؟ .. بنخترع .. ماهو من حق كل مواطن إنه يخترع زى ماهو عاوز يعنى
يعنى دى أنواع معروفة و انتو غيرتو أسماءها يعنى ؟؟
لا .. دى أنواع إحنا اللى مظبطينها .. ماحدش تانى بيعملها غيرنا
و كل نوع مرتبط باسم الغنوة يعنى ؟؟ .. يعنى الاسم له علاقه بنوع القهوة و لا ده مجرد اسم و خلاص؟
انت بتسأل كل ده ليه ؟؟ .. انت ناوى تطلب حاجة يعنى محددة و لا بتسأل و خلاص و بعدين هاتقوم تمشى ؟؟
لا بجد عاوز اعرف .. الحكاية مثيرة للاهتمام
اهااااااااااااا .. طب يا سيدى .. عشان اريحك يعنى .. كل نوع من دول مرتبط باسم الغنوة بتاعته .. سواء بمعناها أو بالحالة بتاعتها
طب ممكن سؤال ؟
اتفضل .. بس يارب يكون آخر سؤال قبل ما تقولى الاوردر بتاع حضرتك
دارينا.. عاوز اعرف بس هى ايه ؟ .. يعنى بتتعمل ازاى ؟؟
انا ممكن اقولك المكونات لكن ماقدرش اقولك الصنعه .. بس دارينا بالذات انا متأكده أنها هاتعجبك .. بص يعنى يا سيدى هى بتتعمل من نوع معين من البن اليمنى داخل فيها شوية قرفة و كراميل .. بتتغلى بطريقة معينة و لمدة معينة .. و الكريمة زى ما تحب .. و ممكن تضيف شيكولاتة أو لا .. زى ماتحب برده .. بس لازم تقولى السكر بتاعك قبلها عشان السكر بيتقلب فيها قبل ماحطها عالنار .. فهمت حاجة ؟؟
لاحظت أنه لا يستمع .. فقط هو يرقب حركاات يدى و أنا أصف .. صوتى .. و عيونى من خلف زجاج النظارة .. يلقى ابتسامة لى بين كلمة و أخرى و يرقب وقعها على سرعة حركة جفنى
لا أدرى كيف جلست على الكرسى الذى سحبه لى و أنا مستغرقة فى الوصف و الحديث .. فقط ظللت مستغرقة فى وصف أنواع القهوة الأخرى .. أريد أن أعرف نوعه المفضل .. و لكنه لا يبدى إعجابه بأى نوع عن آخر
جعلنى استغرق فى وصف الصنع .. كأننى استعرض له فنى .. و قد لاحظت أننى بدأت أحاول جاهدة لفت انتباهه إلى .. لأنه بالفعل بدأ يروق لى .. و أنا نادراً ما يحدث معى ذلك
لا أدرى كم من الوقت مضى على حديثنا .. كان يستمع باهتمام شديد .. يبتسم بعذوبة متناهية .. و يدون بعض من الكلمات فى مفكرة صغيرة .. و ظللت أنا اتصنع عدم الاهتمام بما يكتب ..و لكن كل ما خطر لى وقتها أنه ربما كان كاتب أو شاعر .. جاء مقهانا ليستوحى من جوه المميز شئ ما .. ربما سيكتب عنى أنا تحديداً .. و كلما استولت على تلك الأفكار كلما زدت فى إشراقتى بالحديث .. و كنت قد خلعت نظارتى لأبدو أكثر جاذبية .. ووضعت ساقاً على ساق كى أبدو أيضاً أكثر ثقة
و هكذا بعد وقت لم أحسبه من الحديث وجدته يلملم أشياءه و يهم بالرحيل .. تعجبت لأنه لم يطلب شيئاً مما جعلنى استغرق فى شرحه .. ثم رأيته يتمتم بينه و بين نفسه أنه بالتأكيد دارينا .. تعجبت كثيراً فلم استطع منع نفسى من التساؤل ماهو الذى بالتأكيد دارينا .. و لكنه ضحك ضحكة ذات معنى .. ثم قام ليرحل
طب يعنى انت ماطلبتش اى حاجة كده ؟؟ ينفع كده ؟؟ و لا مشاريبنا مش عاجباك ؟؟
لا مش القصد طبعا .. بس أنا أساسا مابحبش القهوة .. لكن مراتى هى اللى بتحبها أوى و مضيعة كل وقتها و فلوسها وفلوسى على القهوة بتاعتكو دى .. و أنا بصراحة مابقيتش عارف أتصرف معاها إزاى .. معلش بقا اضطريت آجى أعرف أنتو بتعملو ايه هنا عشان أجرب أنا اعملهولها .. و أهو نوفر شوية بدل الفلوس اللى عماله تطير فى الهوا على كلام فاضى دى
و هكذا ألقى بكلماته و اختفى بلمح البصر .. تاركاً على وجهى أغبى تعبير يمكن أن يتركه رجل على وجه امرأة فى الكون