Tuesday, August 4, 2009

يا عودة ما تمت

حمدلله ع السلامة يا اَنسة .. القهوة من غيرك كانت وحشة أوى

تقابلنى سميرة بابتسامة عريضة وتفتح لى ذراعيها بحنان .. كان الوقت مبكراً لأى ترحيب اَخر ، يبدأ العمل فى العاشرة ، وهاجمتنى فكرة القدوم فى السابعة والنصف ، بعد غياب كام شهر يمكن .. لم أعلم بالظبط السبب وراك هذه الأغنية التى تصر عليها سميرة ، يقال انها لا تسمع غيرها منذ عدة أيام ، ومنى شخصياً لم تستطع تشغيل أغنية واحده لفيروز فى وجود سميرة .. سميرة هى أول نادلات المقهى ، تستطيع القول أن سميرة من أقدم المؤسسات لمقهى فيروز ، ورغم ذلك ظلت لفترة ليست قصيرة تعيد هذه الأغنية لدرجة أن الزبائن توقفوا عن طلب الأغنيات وتركو الاختيار لسميرة ، شخصيتها قوية سميرة ..
على كل حال ، بعد كل هذه التساؤلات كان لابد لها من وقفة بصراحة ، فسميرة ورغم قوة شخصيتها لم تكن تدفع النور والمية وفواتير المقهى كل شهر .. بل أنا ومنى الغلبانة ، خاصة بعد أن ندرت الزبائن فى الفترة الأخيرة وفى فصل الصيف بالذات .. فمن يرغب فى جو هادىء فيروزى فى الصيف الصاخب ؟ لم يكن المقهى يستقبل يومياً أكثر من أربع خمس زبائن وطلبات لا تحتاج سوى نادل واحد .. وطوال النهار تسمع سميرة أغنيات معينة لحليم فقط .. ناديت عليها بصوت لائق ، فجاءت تركض فقررت مخاطبتها بنبرة لطيفة فلم تكن سميرة نادلة بالمعنى الكامل .. سميرة كانت بطلة فى رفع الأثقال ، جسد غريب لم أره على امرأة من قبل ، ولكنها كانت مفيده فى معظم الأوقات ، فبدون سميرة لن نستطع طرد من لا يروق لنا من الزبائن السخفاء
إيه يا سمرمر هو الكمبيوتر عندنا اتحرق والا ايه ؟
ليه يا حاجة شغال ( لفظ حاجة كانت تردده سميرة لما يكون مزاجها رايق ) ماشمتش ريحة شياط يعنى
اصلك معلقة على كام غنوة لحليم لما حمضتينا جمبك
...
صمت ، وابتسامة غريبة على وجهها الأسمر الذى ظل جميلاً رغم كل شىء ، أمسكت المنشفة وظلت تمسح الطاولة أمامى عدة مرات وهى تبتسم .. وأنا أنظر اليها وانتظر رداً مقنعاً .. ( أصلى باحب يا حاجة يارا ) .. لم يكن الرد مقنعاً بالمرة ، مادخل الحب فى خراب البيوت المستعجل يا سميرة ؟ وقبل أن أسألها مرة أخرى لاحقتنى برد اكثر إحراجاً
يعنى هم الزباين مستنيين خالتك فيروز عشان يدخلوا القهوة مالحال واقف بقاله شهر ..
يادى الكسوف ، كان الأفضل أن تقدم استقالتها وترحل بدلاً من هذا الإذلال ، ( لأ يا أم مخ مكهرب ، بس ( القهوة اللى بناكل منها عيش مرتبطة بصوت ( الست فيروز ) مش بحليم وانتى عارفة كده كويس .. وعاوزة تسمعيه اسمعيه فى بيتك ) .. كانت الجملة الأخيرة قاسية بعض الشىء .. ولكنى لم أهتم ، هى بس الطلعة الاولى لمواجهة سميرة وبعد ذلك أنطلق ، وبصراحة ما صدقت .. على كل حال وقفت سميرة تراقبنى وأنا أخرج كبت سنوات فى وجهها ، تبتسم أحياناً وأحياناً يحمر وجهها فأهدىء من نبرتى قليلاً .. ليس خوفاً من سميرة ، بل محافظة على مشاعر سميرة
أثناء هذه الفوضى دخل اثنان من زبائن القهوة المعروفين ، وألقوا التحية .. ابتسم أحدهم وقذف تعليقاً على الأغنية وضحك ، فنظرت لى سميرة شمتانة .. ( ولو .. برضة تغيرى الغنوة وتجبيلى فيروز ) فضحكت بصوت هادىء .. ( تحت أمرك يا حاجة .. كان يوم أسود يوم ما رجعتى القهوة )
وقعت ضحكاً ، كانت لسميرة نبرة صوت تضحكنى ، جلست فى هدوء أسمع حليم .. مضطرة ، وعينى على الباب أراقب زبائن تدخل القهوة دون جدوى .. الصيف لا يعرف مقهى فيروز ، المقهى شتوى المزاج ونحن نعرف ذلك .. أما فواتير المحل فلا تفرق بين صيف وشتاء ... وسميرة كانت تفهم ذلك جيداً ، ( والنبى ماتزعلى نفسك ده بكرة ربنا يفرجها وأسمعك فايزة ونجاة وفوزى وطلب كمان )
اااه .. اتخرب بيتنا والحمدلله .. أنا هغيبلى كام شهر يا سميرة .. إخربيها براحتك يا حبيبتى
ظلت رغم أنفى تسمع حليم ، تراقبنى .. وتبتسم