Tuesday, December 25, 2007

إيطالى تائه

دقت الساعة الحادية عشر مساءً .. وتضاعف العدد داخل المقهى بشكل غير مسبوق .. تبقى ساعة واحده على العام الجديد ، وامتلأت الطاولات بالزبائن .. الاصدقاء والعشاق ... كان المقهى مزيناً بشجيرات عيد الميلاد الصغيرة وباقات الزهور الرائعة ، وضعنا على الطاولات مجموعة من أغانى عيد الميلاد لفيروز ، ومشروبات مجانية مع ثانى طلب للزبائن ، كما كنا نهدى ألبوم فيروز لعيد الميلاد
لكل طاولة ..
فى الحادية عشر والنصف تقريباً دخل هو .. شاب طويل .. يرتدى بدلة سوداء يختفى معظمها تحت بالطو طويل أسود ، رفع عن رأسه قبعته الإيطاليه ، فظهر شعره الأسود الناعم ، وجبهته البيضاء .. نظر حوله يبحث عن طاوله خاوية ... ولكن دون جدوى ، وقبل أن يخرج وقف لبضع ثوان وكأنه يستمع الى الأغنيه .. ثم ابتسم ... ناديت النادلة وأخبرتها أن تحضر للغريب طاولتى الخاصة ، فلم يأت احد من أصدقائى بعد على كل حال ، ركضت اليه قبل أن يخرج وأخبرته عن الطاوله فابتسم لها وأومأ برأسه ..
جلس فى هدوء ، وظل يفرك يديه محاولاً تدفئتهما .. ثم تناول قائمة الأغانى وابتسم ... يرشف قهوته هو يتأمل الشارع من خلف زجاج المقهى .. وبين الحين والاخر ينظر حوله وكأنه ينتظر أحد الأشخاص .. تمنيت أن يأت اليه من ينتظره حتى لا تمر عليه لحظته وحده .. فأعلم جيداً قسوة هذه اللحظة ، وانشغلت عنه لبضع دقائق بزبائنى ، وتحضير المقهى لليلة رأس العام
لحظات قليلة ويبدأ العام الجديد .. نظرت اليه فى يأس وهو يقرأ فى كتابه ، غير مبال بالضوضاء التى تحيط به ، فنجان اخر من القهوة لم أسأل النادلة ان كان الغريب أجنبياً ... ولكنى توقعت من مظهره الإيطالى الجذاب ، وغربته التى يتحضنها بكتابه أنه غريب بالفعل .. وربما ضل طريقه فى ليلة مزدحمة .. اردت فقط تهنئته
انطفأ نور المقهى بعد العد التنازلى وعلا صراخ الجميع ، تقدمت ناحيته بتردد وهو ينظر حوله مبتسماً .. وعندما اقتربت عاد الضوء ورأيت وجهه عن قرب ... فاختفت الأصوات الاخرى للحظات
" merry christmas "
نظر لى بدهشة شديدة .. وطلت من وجهه المضىء ابتسامة ساحرة ...
" وانتى طيبة "
فتراجعت بخجل ... " مصرى" ؟
ضحك وقام من مكانه بكل أدب .. ثم سحب لى المقعد المقابل كى أجلس أمامه .. " أكيد مصرى .. بس مش الليلة دى .. تشربى ايه؟
عدت طفلة .. وفى نفس الوقت .. شعرت للمرة الأولى بحياتى أنى امرأة .. لم أرد اخباره انى صاحبة المقهى ، فقد كنت استمتع بكونى غريبة أخرى ، شاركته قهوته ... فضحك وطلب له فنجان اخر ، يحكى لى عن أسفاره وغربته .. وخوفه من السفر ، وأصدقاءه الذين فقدهم فى الطريق .. وأحباءه المتفرقين ، وحبيبته الوحيده ... ورغم حزنه الشديد الذى شعرته بين كلماته ، فقد كان يطل من عينيه شغف شديد للحياه أظهره حبه للمطر والشتاء .. وسألنى لم أقضى ليلتى وحدى ، فأخبرته أنى غريبة أخرى ولكنى على عكسه أعشق السفر مهما أذاقنى من الامه ، فهو يطهرنى من اثامى ويفتح قلبى على عالم جديد .. نظر لى وابتسم ، وأخبرنى أنى صديقة غربة واحده ، مثيرة للاهتمام .. فلم يسبق له الحديث مع أحد الغرباء عن حياته السابقة .... أخبرته أنى أجلس فى هذا المقهى بين الحين والاخر .. فلا يسأل عنى أحد ، سيجدنى على هذه الطاولة ان رغب أن يشاركه أحد فى قهوته مرة ثانية
ضحك وارتدى قبعته فاختفت جبهته البيضاء تحتها ... قبل يدى وابتسم ، ثم غادر المقهى بهدوء وكأنه حلم ...
بقيت لدقائق وانا جالسة فى مكانى .. ثم تذكرت فجأة شىء هام .. ورركضت وراءه ، بحثت عنه فى الشارع المزدحم ولكنه كان قد اختفى ....
ترى .... ما اسمك؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

4 comments:

Anonymous said...

رائعة ، جميل أن يشعر الإنسان بلحظة تواصل مع أحد دون حتى ان يعرف اسمه
فى انتظار المزيد

Anonymous said...

من وحى المعدية
يارا تقدم:
ايطالى تائه

ههههههههههههههههههههههههههههههههه
جااااااامد يا بت
الله يخربيت الهرمونات الرحبانية فى الليالى الشتوية اللى بتعمل كده فى البونى آدمين

غادة الكاميليا said...

اهو انا نفسي في جنون زى ده اصل الجنون اللي بيمارس على أعصابي اليومين دول يفرس
جمييييييييييييييل يايارا

حمامة said...

مؤكد اسمه حلم :)
حواديتك جميلة اوى يا يارا
اسم على مسمى
برضه زى اسمى :)