Friday, August 24, 2007

.....

باقى على إنتهاء الوقت ربع ساعة تقريباً .. مراقب خاص لى فقط .. يترك الجميع وينظر لى نظرة متفحصة وكأنى كائن فضائى ، على ورقة الأسئلة تعودت كتابة ماأتذكره من أغانى المفضلة .... نظرات تكاد تخترقنى ، فيكو تنسوا .. دوماً اول اغنية تخطر ببالى وانا وسط الاختبار
عندما طلبت النادلة تشغيل هذه الاغنية للطاولة الرابعة .. تذكرت نفسى عندما كنت أكتبها على ورقة الأسئلة دون الاهتمام بالمراقبين .. وتعنيفهم الدائم ، شابان وفتاة ، يضحكون بصوت عال ... ويتبادلون المزاح ، طاولة مليئة بالكتب، تخيلت أنهم لبنانيون أو شاميون بشكل عام ... أحدهم متوتر جدا وينظر كل دقيقة فى ساعته .. تعجبت لطلبهم فى الحقيقة ، أغنيه بهذه القوة ؟؟؟ لثلاثة أشخاص لا يختلفون عليها ؟
أبدى الشاب اعجابه بديكور سيارة فيروز فى ميس الريم .. وقام من مكانه ليلقى عليها نظرة متفحصة ، ثم نادى النادلة وتحدث معها ، فأشارت الى .. فتفاجأت به يأتى ناحيتى .. خطرت ببالى فكرتان .. ربما سيبدى اعجابه بديكور المقهى ... أو ربما سيبدى اعجابه بى أنا ويدعونى لطاولته ... تعلمون بالطبع أى فكرة كنت أفضل
" انا اسف ع الازعاج "
أنا اسفة انى مالبستش فستان النهاردة ...
" ممكن أعرف بس منين جبتى الخامة بتاعة العربية دى"
ممكن تقولى رقم تليفونك حالاً .....
لحظات صامتة .. أفكار تقتحمنى غصباً ... أريد الاجابة ولكن لسانى لا يسعفنى
" والله المسئولة عن الديكورات شريكتى فى القهوة .... حضرتك ممكن تسألها
" يعنى انتى مش عارفة "
مثلى لا يعرف شيئاً الان يا عزيزى
" طيب لو حضرتك بتيجى هنا كتير ممكن ابقى اسألها واقولك "
" خلاص تمام ... انا هاجى بكرة ، وبجد هتساعدينى جدا .. ميرسى اوى "
أول ما أفكر به .. سأتصل بمنى لأخبرها أنى فى المقهى غداً .... غداً أجازتها

تذكرنى الطاولة بنفسى عندما كنت أفكر بمن أحب وانا فى وسط الاختبار ... والأغنيه القوية أصبحت تذكرنى بزكرى رقيقة ... بالطبع لم يأت الشاب الذى لم أعرف اسمه ... وبالطبع ظللت أسمع الأغنيه القوية حتى مل زبائنى وطلبوا تغييرها

Sunday, August 12, 2007

حديث طاولة الفتاة الشتوية


حاولت كثيراً أن أصف تلك الزاوية التى تنظر منها عيناها .. غريب هذا .. فعيناها تنظر من كل الزوايا لتحاصر المقهى بكل أركانه دون قصد منها .. هى فتاة يكاد عقدها الثالث أن ينتصف ..كانت تأتى بانتظام على مدار شهور العام .. لقاء واحد كل شهر تقريباً بينها و بين شخص ما دائماً ما تأتى قبله بساعة تقريباً فى منتصف النهار .. تطلب قهوتها .. بن وسط سادة عالريحة .. هكذا تشير لى فأمرر لها لحنها المفضل الصاخب الذى يصاحب صوت فيروز العذب .. كانت بعيناها اللتان تحسبهما دائماً ينظران لك تنتظره انتظاراً جميلاً باسماً .. و كان يأتى لها فى المرة السادسة التى أعيد فيها الأغنية على فترات متباعده .. كنت أعيد لها الأغنية حتى يأتى .. و دائماً يتركها و يرحل و هى مازالت تبتسم بهدوئها و قد غلف عيناها بريق لا يمطر أبداً .. كأنها تحمل معها دائماً رياحاً شتائية جافة .. تنثرها حولها أينما وجدت

أحببتها و أحببت طريقتها فى لف غطاء رأسها .. شعرها الأمامى الهارب على جبينها .. جسدها الذى يفور رغماً عنها بالحياة .. كأنه طفلها الشقى الذى تتبرأ من شقاوته أمام العالم .. يشع دفئاً لا تعى ملامحه.. فقط تشعره .. صوتها الباسم و المرتجف مابين طفلة شقية و أمرأة وقور .. حنانها الذى كانت تتركه على الطاولة التى تعلم أنها سترجع لها فى الشهر القادم .

كان يلفت انتباهى أن ليديها سحر خاص و هى تحاوط الفنجان .. يمنحها الفنجان دفئه شتاءً .. و هى تمنحه دفئها صيفاً .. كأنهما على اتفاق غير معلن .. كانت تستنشق البخار الذى ينبعث منه ببطء شديد و هى مغمضة العينين إذا أضعه أمامها .. تبتسم للرائحة كأنها تبث بها روحاً ما .. ثم ترشف بهدوء و استمتاع مع اللحن

جعلتنى أنتظرها و أنتظر مواعيدها النادرة مع رجلها الغريب .. فى آخر العام ظلت تأتى كثيراً وحدها .. تنتظر بلهفة مهزومة .. ثم تترك الطاولة و هى شاردة عن اللحن

بعد أن أنقطعت عن المقهى لفترة طويلة فكرت كثيراً أسمع تلك الغنوة وحدى فى المواعيد التى كانت تأتى هى بها .. و لكننى وجدت أن المكان كله كان يحمل تلك الوحشة .. فوحشة المكان لأمرأة تحب ليست هينة على أى حال .. لذا فكرت أخيراً أن أغير مكان الطاولة .. و لون الجدار من خلفها .. و مواعيد ذلك اللحن الذى يهدهد ضخب المكان

Wednesday, August 1, 2007

طاولتى المفضلة

أصبحت طاولتى المفضلة عندما تعودت رؤيته كل ثلاثاء ، فى تمام الثامنة صباحاً يدخل المقهى .. يختار طاولة نائية بعيده عن المدخل .. يطلب قهوته ويدخن سجائره فى هدوء يثير إعجابى .. لا يختلف مزاجه وكأنه لا يسمع هذه الأغنيه الا فى مقهانا .. رغم أنها ليست المفضلة عندى .. الا ان هذ الأغنيه إرتبطت عندى بصباح كل ثلاثاء .. رجل فى العقد الخامس من عمره ، يدفن رأسه فى كتابه ولا يرفعها الا لرشف قهوته الساخنة .. يطلب الأغنية بأدب لم أر مثله من قبل ويعتذر عن طلبه المتكرر لنفس الأغنيه ... فلا تجد النادلة غير ابتسامة مرحبة .. وتسرع لتغييير الأغنيه وهى تنظر لنا وتضحك
يبدو كرجل فقد أحد أصدقائه المقربين ، أو شخص عزيز عليه .. ولكنه لا يبدو لى كرجل فقد حبيبته ، رجل يفتح الراديو بمحض الصدفة ، فيجد أغنيه يحبها وكان يتمنى سماعها .. ربما كان كاتب أو مدرس أو شاعر .. ولكنى أحسست بهدوء مزعج ينبعث من هذه الطاولة ... ولم أرغب فى اقتحام عزلته مثلاً وتغيير الأغنيه .. حتى أستطيع خلق حوار ما بينى وبينه
وفى الثامنة صباحاً .. كل ثلاثاء .. يدخل مقهاى .. يطلب قهوته الساخنة .. يدخن سجائره .. ولا سبيل لتغيير مزاجه الهادىء